يعاني الكثير من الناس في أيامنا هذه من قلة النوم نتيجة ضغوط الحياة اليومية التي يمرون بها، وكثيرا ما يشعرون بنتائجها المباشرة خلال اليوم التالي حيث ترافقها أعراض وأضرار كالتعب والإرهاق.
حيث تعتبر قلة النوم واحدة من اضطرابات النوم العديدة التي تصيب كثيرا من الناس، وهي ناتجة عن عدم النوم لوقت كاف خلال الليل لفترات طويلة أو عدم القدرة على النوم بشكل جيد، وتؤدي في نهاية المطاف إلى الكثير من الأضرار الصحية التي تؤثر على الجسم.
وقد أكد العلماء أن عدم الحصول على القدر الكافي من النوم في الليل أي حوالي 7- 9 ساعات يوميا، يؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية الجسدية والعقلية، بدءا من زيادة الوزن إلى ضعف جهاز المناعة.
يحتاج جسم الإنسان إلى النوم تماما كحاجته إلى الهواء والطعام، حيث يقوم الجسم بمعالجة نفسه ويعيد توازنه الكيميائي أثناء النوم، كما يعمل الدماغ على تشكيل روابط فكرية جديدة ويعمل على تخزين الذكريات أثناء النوم.
قد يهمك: أفضل 6 أعشاب لعلاج الأرق والمساعدة على النوم
عناصر المقالة
وتشمل الأعراض الواضحة لقلة النوم ما يلي:
- فرط النعاس
- كثرة التثاؤب
- التهيج
- التعب أثناء النهار
كما أشار العلماء إلى أن تناول المنشطات خلال النهار ليس كافيا لتعويض حاجة الجسم للنوم أثناء الليل، حيث يؤدي ذلك إلى تفاقم الحالة ويجعل من النوم أثناء الليل أكثر صعوبة.
وقد أشارت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2010 أن عدم النوم لوقت كاف خلال الليل يزيد من خطر الموت المبكر.
أعراض وأضرار قلة النوم
لا تقتصر أعراض وعلامات قلة النوم على المشاكل التي تحدثنا عنها سابقا، بل يمكن أن تتداخل قلة النوم المزمنة مع أجهزة الجسم الداخلية وتسبب الكثير من التأثيرات السلبية.
- الجهاز العصبي المركزي
يعتبر الجهاز العصبي المركزي هو طريق المعلومات الرئيسي للجسم، ويعتبر النوم أمرا ضروريا للمحافظة على عمله بشكل صحيح، حيث تؤدي قلة النوم إلى تعطيل الطريقة التي يرسل بها الجسم المعلومات ويعالجها.
كما تتشكل العديد من المسارات بين الخلايا العصبية في الدماغ أثناء النوم، وتساعد هذه المسارات على تذكر المعلومات الجديدة التي يتعلمها الشخص أثناء النهار، وبالتالي عند قلة النوم يجد الشخص صعوبة في التركيز أو تعلم أشياء جديدة، كما يحدث تأخير في نقل الإشارات العصبية عبر الجسم مما يقلل من تناسق الحركات ويزيد من خطر وقوع الحوادث.
كما تؤثر قلة النوم أيضا بشكل سلبي على القدرات العقلية والحالة العاطفية ويكون الشخص أكثر عرضة للتقلبات المزاجية، كما تؤثر على عمليات اتخاذ القرار والتفكير والإبداع.
وفي حال استمرار حالة قلة النوم التي يعاني منها الشخص، فقد يبدأ بالشعور بالهلوسة (رؤية أو سماع أشياء ليست موجودة بالفعل)، كما تؤدي إلى الإصابة بالهوس وخاصة عند الأشخاص الذين يعانون من اضطراب المزاج ثنائي القطب، كما تشمل المشاكل النفسية الأخرى المحتملة لقلة النوم ما يلي:
- القلق
- الاكتئاب
- الأفكار الانتحارية
- السلوك الاندفاعي المتهور
- جنون الشك والاضطهاد (جنون العظمة)
- جهاز المناعة
خلال فترة النوم يقوم جهاز المناعة بإنتاج العديد من المواد لمقاومة الأمراض مثل الأجسام المضادة والسايتوكينات والتي تعمل بشكل أساسي في مقاومة الأجسام الغريبة التي تدخل إلى جسم الإنسان مثل الجراثيم والفيروسات.
كما تساعد بعض السايتوكينات التي ينتجها الجسم على النوم، مما يمنح الجهاز المناعي مزيدا من الكفاءة في مقاومة الأمراض.
تؤدي قلة النوم إلى حرمان جهاز المناعة من القيام بوظيفته على أكمل وجه، ولا يتمكن الجسم من مقاومة الأمراض، كما يستغرق وقتا أطول للتعافي من المرض، كما تسبب قلة النوم أيضا زيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل داء السكري وأمراض القلب.
- الجهاز التنفسي
ترتبط قلة النوم بالعديد من أمراض الجهاز التنفسي، حيث يمكن أن يسبب اضطراب التنفس الليلي الذي يدعى انقطاع النفس الانسدادي النومي (OSA) إلى إيقاظك من النوم ويمنعك من النوم بشكل جيد.
كما تؤدي قلة النوم إلى العديد من المشاكل التنفسية، حيث تؤدي إلى الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل نزلات البرد والإنفلونزا، كما تؤدي إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي إن كان الشخص مصابا بها مثل أمراض الرئة المزمنة.
- الجهاز الهضمي
إلى جانب تناول الكثير من الطعام وعدم ممارسة الرياضة، فإن قلة النوم من هي عامل خطر آخر لزيادة الوزن والسمنة، حيث تؤثر على مستويات هرموني اللبتين والجريلين اللذين يتحكمان في الشعور بالجوع والشبع، حيث يعمل اللبتين على إرسال إشارات إلى الدماغ تشير إلى وصول الجسم إلى حاجته من الطعام، بينما الجريلين هو الهرمون المنبه للشهية ، وفي حالة قلة النوم ترتفع مستويات هرمون الجريلين مما يفسر تناول وجبات الطعام الخفيفة أثناء الليل أو الشعور بالجوع في أوقات متأخرة من الليل.
تؤدي قلة النوم أيضا إلى الشعور بالتعب السريع أثناء ممارسة الرياضة، ومع مرور الوقت يمكن أن يؤدي انخفاض النشاط البدني إلى زيادة الوزن نتيجة عدم حرق سعرات حرارية كافية وعدم بناء كتلة عضلية جديدة.
كما تؤدي قلة النوم إلى خفض كمية الأنسولين التي يفرزها الجسم بعد تناول الطعام مما يؤدي إلى ارتفاع تركيز السكر في الدم، كما يؤدي إلى انخفاض تحمل الجسم للجلوكوز وارتفاع مقاومة النسج للأنسولين مما يؤهب الجسم للإصابة بداء السكري والسمنة.
- الجهاز القلبي الوعائي
يؤثر النوم بشكل أساسي على صحة القلب والأوعية الدموية، فهو يؤثر على نسبة السكر في الدم وارتفاع الضغط ومستويات الالتهاب في الجسم، ويلعب دورا حيويا في قدرة الجسم على المحافظة على سلامة الأوعية الدموية والقلب، حيث أشارت الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويرتفع لديهم خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
- جهاز الغدد الصم
يتم إنتاج الهرمونات في الجسم بشكل أساسي خلال فترة النوم، فمثلا هرمون التستوستيرون يحتاج الجسم لاصطناعه إلى ما لا يقل عن ثلاث ساعات من النوم المتواصل، ويمكن أن يؤثر الاستيقاظ في الليل على إنتاج هذه الهرمونات.
وأشارت إحدى الدراسات إلى أن قلة النوم تؤثر على إنتاج هرمون النوم وخاصة عند الأطفال والمراهقين، حيث يساعد هرمون النمو الجسم على بناء العضلات وإصلاح الخلايا المتضررة والنسج، والعديد من وظائف الجسم المختلفة.
علاج قلة النوم
إن أبسط طريقة لعلاج قلة النوم هو الحصول على قسط كاف من النوم، عادة من 7 إلى 9 ساعات كل ليلة، وغالبا ما يكون قول هذا هو أسها من القيام به، وخاصة إذا كان الشخص يعاني من قلة النوم لفترة طويلة، عندها يحتاج الأمر إلى مساعدة من الطبيب أو أخصائي النوم حيث يمكنه تشخيص المشكلة وعلاجها.
تعتبر اضطرابات النوم من الأمراض واسعة الانتشار حول العالم، وتعد سببا أساسيا في قلة النوم وتزيد من مخاضر الإصابة بالعديد من الأمراض المختلفة وتشمل هذه الاضطرابات:
- انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم (OSA)
- داء التغفيق وهو من اضطرابات النوم المزمنة والذي يتميز بالنعاس الشديد أثناء النهار ونوبات من النوم المفاجئ
- متلازمة تململ الساق
- الأرق
- اضطراب الساعة البيولوجية (اضطراب نظام يوماوي)
ولتشخيص هذه الحالات، يجري الطبيب عادة دراسة على نظام النوم الخاص بالمريض وتتم هذه الدراسة إما في مراكز متخصصة أو يتم إجراؤها حاليا ضمن المنزل.
إذا تم تشخيص الإصابة باضطراب في النوم، فقد يتم إعطاء المريض دواء أو جهازا لإبقاء مجرى الهواء مفتوحا في الليل (في حالة انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم) للمساعدة في علاج الاضطراب حتى يتمكن المريض من الحصول على نوم أفضل ليلا بشكل منتظم.
الوقاية من قلة النوم
يمكن القيام بالعديد من النشاطات التي تساعد في الحصول على قسط كاف من النوم وتشمل:
- تخفيف ساعات القيلولة في النهار
- الامتناع عن تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين بعد الظهر أو قبل ساعات قليلة من موعد النوم
- الذهاب للنوم في نفس الوقت كل ليلة
- الاستيقاظ في نفس الوقت كل صباح
- الالتزام بجدول مواعيد النوم خلال عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الطويلة
- قضاء ساعة قبل النوم في القيام بأنشطة استرخاء مثل القراءة والتأمل والاستحمام
- الامتناع عن تناول وجبات الطعام الدسمة قبل ساعات قليلة من النوم
- الامتناع عن استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم
- ممارسة الرياضة بانتظام ولكن ليس في ساعات المساء القريبة من موعد النوم
- الحد من تناول الكحول
إذا كنت تقوم بمختلف هذه النشاطات في حياتك اليومية، وتعاني من قلة النوم في الليل وتشعر بالتعب والإرهاق خلال النهار، يجب عليك مراجعة الطبيب أو أخصائي النوم لتشخيص حالتك ومساعدتك في الحصول على نوم هانئ ومريح.