من أهم ما يساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب والقلق والتوتر هي طبيعة بكتيريا الأمعاء لأنها تؤثر بالصحة العقلية والاكتئاب وتعد من العوامل الرئيسية التي تتحكم بالمزاج للأشخاص وفي نفس الوقت قد يكون لها تأثير عكسي وتزيد من حدة الاكتئاب. في هذه المقالة سنتعرف على 9 أشياء تؤكد تأثير بكتيريا الأمعاء بالصحة العقلية والاكتئاب
يوجد تريليونات الخلايا البكتيرية المستوطنة في قولون الإنسان والتي تشكل نظامًا بيئيًا فريدًا يسمى ميكروبيوم الأمعاء بالإضافة إلى أنها تسمح للعناصر الغذائية بدخول الجسم وتعمل على الحد من مسببات الأمراض الانتهازية كما أن نشاط هذه البكتريا يؤثر على عقلك.
- قد يهمك: تعرف على ما يحدثه القلق بأعضاء الجسم
عندما يتعرض الجسم للإجهاد فإنه يتسبب في إفراز الجسم للكورتيزول كما أنه يمر بسلسلة من التغييرات بحيث يتم توجيه كل الطاقة والموارد الرئيسية إلى العضلات والدماغ وكل هذه العوامل يمكن أن تؤثر على أنشطة بعضها الأمعاء ويجعله غير متوازن (dysbiosis) وبالتالي يؤثر على صحتك العقلية ومزاجك العام ذلك لأن نشاط بكتيريا الأمعاء يؤثر على التوتر والقلق أيضاً وبالمقابل إذا كان ميكروبيوم أمعائك متوازن فبإمكانه أن يحسّن من قدرتك على تحمل الجهد.
تأثير بكتيريا الأمعاء على الصحة العقلية والاكتئاب
1- الدماغ متصل بالأمعاء بواسطة العصب المبهم
إن أمعائك ودماغك متصلان بواسطة العصب المبهم وهو جزء رئيسي في الجهاز العصبي اللاإرادي بحيث يمكِّنك من التنفس وهضم الطعام والبلع تلقائيًا ويعمل على إرسال رسائل إلى دماغك من أجل القولون والعكس صحيح.
إن ارتباط الدماغ بالأمعاء واتحادهم يشكل دوراً أساسيًا وحيوياً في الصحة العقلية والأمراض التي تصيب الدماغ وأيضاً في متلازمة القولون العصبي (IBS) فهو يوضح لماذا يمكن أن يؤثر الإجهاد على عملية الهضم لديك ولماذا تجعلك مشاكل الجهاز الهضمي كئيباً.
دور العصب المبهم في الهضم من حيث:
القدرة على الحركة فهو يساعد الطعام على التحرك عبر الجهاز الهضمي.
الهضم حيث يحفز إفراز الإنزيمات الهاضمة.
الشهية فهو يرسل الإحساس بالشبع للدماغ.
2- بكتيريا الأمعاء تتواصل مع الدماغ
تعمل بكتيريا الأمعاء على تفكيك الطعام وخاصة الألياف الغذائية وتحويله إلى نواتج أيضية مثل الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFAs) ليتم الكشف عنها بواسطة العصب المبهم الذي يرسل البيانات بعد ذلك إلى الدماغ مما يسمح بتنظيم عمليات الهضم ولكن في المقابل عندما يتعرض العصب المبهم للإجهاد فإنه لا يمكن أن يتعامل بشكل فعال مع الالتهاب وبالتالي يسبب الضرر لأمعائك وبكتيريا الأمعاء وهذا ما يفسر لنا أهمية العصب المبهم وأهمية توازنه.
٣- الالتهابات، بكتيريا الأمعاء والاكتئاب
يجب أن يكون ميكروبيوم الأمعاء متنوعاً لدعم صحتك فالتنوع يساعد في الحفاظ على توازنه ولكن إذا كان غير متوازناً أو ما يسمى (dysbiosis) يمكن للميكروبات الانتهازية أن تستفيد وتتكاثر وبالتالي الجسم يرفض هذه الميكروبات لذلك يتم تنبيه جهاز المناعة لديك مما يؤدي إلى حدوث الالتهاب.
ومن المثير للاهتمام أن الالتهاب يمكن أن يسبب الاكتئاب والعكس صحيح ولكن الميكروبيوم المتنوع يعمل على منع حدوث الالتهاب مما قد يساهم في تحسين مستويات المزاج والقلق بالإضافة إلى أن النظام الغذائي هو أحد طرق زيادة وفرة الميكروبات المتنوعة والحد من الالتهاب حيث تعيش بكتيريا الأمعاء المفيدة على نظام غذائي طبيعي قائم على النباتات فالألياف مصدر مهم للطاقة بالنسبة لها.
٤- بكتيريا الأمعاء والصحة العقلية (تأثير البوتيرات)
البوتيرات عبارة عن حمض دهني أساسي قصير السلسلة تنتجه بكتيريا الأمعاء النافعة عندما تأكل الفاكهة، الخضار، البذور، المكسرات، الحبوب الكاملة والبقوليات حيث إنه لا يحافظ على صحة أمعائك فحسب بل يفيد عقلك أيضًا.
البوتيرات هي المصدر الرئيسي للطاقة لخلايا بطانة الأمعاء وتساعد في الحفاظ على هذا الحاجز قويًا وسليمًا كما أنها تساعد في منع الالتهاب الذي يمكن أن يضر بمزاجك حيث أظهرت دراسة جديدة أن البوتيرات قد تساعدك على نمو خلايا دماغية جديدة ومع ذلك إذا كنت تعاني من خلل بالتوازن البكتيريا فقد تنتج بكتيريا الأمعاء عناصر غذائية أقل أهمية بما في ذلك البوتيرات.
يمكنك من خلال خلال الحفاظ على نظام غذائي صحي المساهمة في إنتاج البوتيرات في الأمعاء.
يمكن تناول البروبيوتيك وهي الأطعمة التي تحتوي على البكتيريا المفيدة للأمعاء مثل الفاكهة والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات حيث إنها تحتوي على الألياف التي تتحول إلى حمض دهني أساسي قصير السلسلة مثل البوتيرات وهو ما يؤثر إيجابًا على صحتك عند تناولك لها.
٥- البروبيوتيك والاكتئاب
توفر بكتيريا البروبيوتيك العديد من الفوائد الصحية للجسم بما في ذلك للدماغ فهي تعيش بشكل طبيعي في الأمعاء ولكنها توجد أيضًا في المكملات الغذائية والأطعمة المخمرة مثل الزبادي والكفير ومن أنواع البكتيريا الجيدة بكتيريا اللاكتوكوكس والاكتوباكيللوس.
علم النفس الحيوي هو مجال يبحث في تأثير البكتيريا المعوية على الصحة العقلية حيث تظهر بعض الأبحاث أن بعض أنواع بكتيريا العصيات اللبنية تعمل على تخفيف الإجهاد والقلق.
كما أن بعض الدراسات أظهرت أيضاً أن تناول البروبيوتيك يمكن أن يساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب ويساعد في دعم صحة الإنسان عن طريق الحفاظ على توازن النظام البيئي للأمعاء ومنع الخلل البكتيري مما يؤدي إلى ازدهار البكتيريا النافعة وإنتاج البوتيرات وبالتالي يساهم في تطور صحتك نحو الأفضل.
٦- تناول البريبيوتكس لتغذية بكتيريا الأمعاء
بعد أن قمت بزيادة تناول البروبيوتيك عليك بالحفاظ على تغذيتها لجني كل فوائدها الصحية فالبكتيريا المعوية تحتاج إلى الغذاء للحفاظ على ثباتها ونشاطها وازدهارها وهنا يأتي دور البريبيوتكس.
البريبيوتكس هي مواد موجودة في الأطعمة النباتية التي تحافظ على بكتيريا الأمعاء النافعة حيث تعمل ألياف البريبيوتك والبوليفينول والنشويات المقاومة على تغذية بكتيريا.
قائمة الأطعمة التي تحتوي على البريبيوتك:
- ألياف البريبيوتك: الثوم، البصل، التوت، خرشوف القدس، الفطر، الجاودار والشعير.
- مقاومة النشويات: البقوليات، البذور، الحبوب، البطاطا المطبوخ، الموز الأخضر والذرة.
- البوليفينول: البصل، تفاح، الشاي، كاكاو، النبيذ الأحمر، الفاكهة الحمراء وفول الصويا.
أظهرت الأبحاث أيضًا أن تناول البريبيوتكس يرتبط بانخفاض السلوك المرتبط بالقلق لذلك من المهم ألا تقلل أبدًا من دور نظامك الغذائي في تحسين الصحة العقلية حيث يمكنك في الواقع إجراء اختبار ميكروبيوم الأمعاء للحصول على توصيات غذائية مخصصة لبكتيريا الأمعاء.
٧- بكتيريا الأمعاء تنظم هرمونات السعادة
وكما نعلم أن ميكروبات الأمعاء تعمل على تحويل الطعام إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة وتساعد الجسم على إنتاج المزيد من السيروتونين وهو ناقل عصبي وهرمون ينظم مزاجك ومستويات السعادة والقلق لديك.
فهناك أيضاً ناقل عصبي آخر حمض جاما أمينوبوتيريك (GABA) ينظم ويحسن المزاج لأنه يساعد على تهدئة الجهاز العصبي وإيقاف تفاعلات التوتر بشكل مثير للدهشة حيث يمكن لبعض بكتيريا الأمعاء بروبيوتيك أن تنتج GABA نفسها لجسمك.
يمكن لنظامك الغذائي في الأساس أن يساعد البكتيريا في حماية صحتك العقلية لأن تناول الأطعمة المناسبة يغذي البكتيريا النافعة وعندما يكون لديك الكثير والعديد من البكتيريا الصحية فإن الميكروبيوم الخاص بك يكون أكثر تنوعًا وينتج مواد تزيد من المواد الكيميائية التي ترفع الحالة المزاجية مثل السيروتونين وGABA
٨- تركيبات بكتيريا الأمعاء وعلاقتها بالصحة العقلية
من الواضح أن هناك صلة بين بكتيريا الأمعاء والاكتئاب فتركيبة الميكروبيوم يمكنها أن تخبرك بالكثير عما يحدث داخل جسمك حيث إن ميكروبيوم الأمعاء فريد من نوعه ولكن التنوع عامل مثبت وأساسي في الحفاظ على صحة جسمك وعقلك.
لحسن الحظ أصبح من السهل الآن الحصول على حالتك الصحية الخاصة بالميكروبيوم من خلال الاختبار في المنزل فيمكنك أن ترى مدى تنوع الميكروبيوم الخاص بك ومدى جودة إنتاجه من البوتيرات وحتى الأطعمة التي يجب أن تتناولها لدعم نظام بيئي ميكروبي صحي.
٩- التوازن هو المفتاح الرئيسي لسعادة بكتيريا الأمعاء
من السهل التفكير في كل من أنظمة الجسم على أنها كيان منفصل عن الآخر إلا أنها مرتبطة جيدًا ويمكن أن تؤثر على أنشطة بعضها البعض حيث تعتبر القناة الهضمية والدماغ مثالين رئيسيين لكيفية تأثير التغييرات في أحدهما على الآخر.
يرتبط ميكروبيوم الأمعاء غير المتوازن أو الخلل البكتيري بالعديد من الأمراض بما في ذلك اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب وبالمثل يمكن أن يسبب الاكتئاب التهابًا قد يؤثر على النظام البيئي الطبيعي في الأمعاء وبالرغم من هذا تظهر الأبحاث الواعدة أن البروبيوتيك والبريبيوتكس لها تأثير إيجابي على الاكتئاب والقلق والإجهاد.