الدوبامين هو أحد النواقل الكيميائية الهامة في الدماغ، ويلعب دورا أساسيا في التحفيز، الذاكرة، الشعور، الانتباه وحتى تنظيم حركات الجسم. عندما يرتفع تركيز الدوبامين يعطيك شعورا بالسعادة ويحفزك على تكرار سلوك معين، في المقابل ترتبط المستويات المنخفضة منه بالخمول وانعدام الحماس تجاه الأشياء التي تثير معظم الأشخاص. يتم تنظيم مستويات الدوبامين داخل الجهاز العصبي، ولكن هناك بعض الأمور التي يمكنك القيام بها من أجل زيادة مستويات الدوبامين بشكل طبيعي والتي سنتحدث عنها ضمن هذه المقالة.

قد يهمك: أعراض نقص فيتامين دال النفسية

طرق زيادة مستويات الدوبامين بشكل طبيعي

  1. تناول المواد الغذائية الحاوية على بروتينات
  2. تناول كميات أقل من الدهون المشبعة
  3. تناول البروبيوتيك  (Probiotic)
  4. تناول الفاصولياء المخملية
  5. ممارسة الرياضة بانتظام
  6. الحصول على قسط كاف من النوم
  7. الاستماع إلى الموسيقى
  8. ممارسة التأمل
  9. التعرض لأشعة الشمس
  10. تناول المكملات الغذائية
زيادة مستويات الدوبامين
  • تناول المواد الغذائية الحاوية على بروتينات:

يعد تناول تناول المواد الغذائية الحاوية على بروتينات من أهم طرق زيادة مستويات الدوبامين بشكل طبيعي. تتكون البروتينات من وحدات بنائية أصغر تدعى الحموض الأمينية، والتي يقوم الجسم باصطناع قسم منها والقسم الآخر يجب الحصول عليه من الطعام.

يعتمد اصطناع الدوبامين في الجسم على حمضين أمينيين هما التيروسين والفينيل ألانين، واللذين يتواجدان بشكل طبيعي في الأطعمة الغنية بالبروتينات مثل: الديك الرومي، لحم البقر، البيض، منتجات الألبان، الصويا والبقوليات.

أثبت الدراسات أن الحصول على كميات كافية من التيروسين والفينيل ألانين في النظام الغذائي، يزيد من مستويات الدوبامين في الدماغ مما يحسن من الذاكرة والتفكير العميق لديك.

  • تناول كميات أقل من الدهون المشبعة:

نصاب جميعا بالقلق والشك عند سماعنا لكلمة الدهون المشبعة، حيث يتبادر إلى ذهننا مجموعة من الأمراض التي طالما اعتقدنا أنها السبب الرئيس لها مثل: أمراض القلب والشرايين وارتفاع الكوليسترول في الدم وحدوث الجلطات.

على الرغم من أن هذه الدهون هي أحد العوامل الرئيسة في حدوث هذه الأمراض إلا أن الجسم يحتاجها لاصطناع الطاقة ضمن تراكيز معينة.

تتركز الدهون المشبعة بشكل خاص في الدهون الحيوانية، الزبدة، منتجات الألبان كاملة الدسم، بعض الزيوت مثل: زيت النخيل وزيت جوز الهند.

وجدت بعض الأبحاث التي أجريت على الحيوانات أن استهلاك كمية كبيرة من الدهون المشبعة، يؤدي إلى حدوث تغييرات في عمل الدوبامين في الجهاز العصبي، ومن المثير للاهتمام أن هذه التغيرات حدثت دون وجود اختلاف في الوزن أو تراكيز الدهون والهرمونات أو حتى مستويات السكر في الدم.

كما يعتقد الباحثون بوجود علاقة بين تناول الوجبات الغذائية الغنية بالدهون المشبعة وارتفاع الحالات الالتهابية في الجسم، وضعف الذاكرة والداء المعرفي لدى البشر، لكن من غير المعروف ما إذا كانت هذه الآثار مرتبطة بشكل مباشر بمستويات الدوبامين في الدماغ.

زيادة مستويات الدوبامين
  • تناول البروبيوتيك  (Probiotic):

اكتشف العلماء في السنوات الأخيرة وجود ارتباط وثيق بين الدماغ والأمعاء، في الواقع، تسمى الأمعاء أحيانا (الدماغ الثاني) لأنها تحتوي على عدد كبير من الخلايا العصبية التي تنتج العديد من جزيئات الإشارة العصبية بما في ذلك الدوبامين.

وبدا واضحا للعلماء أن بعض أنواع البكتيريا التي تعيش في الأمعاء قادرة أيضا على اصطناع الدوبامين، والذي يؤثر على الحالة المزاجية والسلوك، حيث أظهرت العديد من الدراسات انه عند استهلاك كميات كافية من البروبيوتيك وهي مجموعة من الطعمة أو المكملات الغذائية التي تحتوي على البكتيريا المفيدة للأمعاء، أدى ذلك إلى تقليل أعراض القلق والاكتئاب لدى كل من الحيوانات والبشر.

إلا أن آلية تحسين المزاج والشعور بالراحة المرتبط بتناول البروبيوتيك وارتباطه باصطناع الدوبامين يحتاج إلى مزيد من الأبحاث.

  • تناول الفاصولياء المخملية:

الفاصولياء المخملية، والمعروفة أيضًا باسم (Mucuna pruriens )، تحتوي بشكل طبيعي على مستويات عالية من (ليفو دوبا L- DOPA )، وهو أحد الأدوية المستخدمة في علاج داء باركنسون ويستخدم كطليعة للدوبامين.

تشير الدراسات إلى أن تناول هذه الفاصولياء يساعد في رفع مستويات الدوبامين بشكل طبيعي، وخاصة عند الأشخاص المصابين بداء باركنسون وهو مرض حركي ناجم عن انخفاض مستويات الدوبامين، وإن استهلاك حوالي 250 جراما من الفاصولياء المخملية أدت إلى ارتفاع مستويات الدوبامين بشكل ملحوظ وانخفاض حدة أعراض باركنسون بعد ساعة إلى ساعتين من تناول الوجبة، كما وجد أن مكملات الفاصولياء المخملية الغذائية تكون أكثر فعالية وأطول عمرا من الدوية المستخدمة في علاج مرض باركنسون، بالإضافة إلى أنها تملك آثارا جانبية أقل.

على الرغم من أن هذه الفاصولياء هي مصدر طبيعي وغني بالليفو دوبا، يجب عليك استشارة الطبيب قبل أجراء تغييرات على نظامك الغذائي.

  • ممارسة الرياضة بانتظام:

تعتبر ممارسة التمارين الرياضية الوسيلة الأكثر فعالية وأكثر أمنا لرفع مستوى الإندورفين والنشاط وتحسين المزاج بشكل عام، حيث يمكن ملاحظة التحسن في الحالة المزاجية بعد أقل من 10 دقائق من النشاط الرياضي وخاصة في الهواء الطلق، ويزداد هذا التحسن بشكل كبير بعد عشرين دقيقة من التمرين.

أشارت إحدى الدراسات إلى أن أداء ساعة واحدة من اليوغا يوميا أدى إلى حدوث ارتفاع في مستويات الدوبامين، وأن ممارسة رياضة المشي أدت إلى زيادة في تراكيز الدوبامين، وزيادة في عدد مستقبلات الدوبامين في الدماغ.

يعتمد الأطباء بشكل كبير على التمارين الرياضية المكثفة والمنتظمة في علاج  داء باركنسون، حيث تحسن بشكل كبير التحكم في الحركة عند المرضى، مما يشير إلى وجود تأثيرات مفيدة على نظام عمل الدوبامين في الدماغ.

  • الحصول على قسط كاف من النوم:

يؤدي تحرر الدوبامين في الدماغ إلى حدوث حالة من زيادة النشاط والحيوية، وتظهر الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن الدوبامين يتم تحريره بكميات كبيرة في الصباح الباكر عند وقت الاستيقاظ، وتنخفض المستويات تدريجيا حتى حلول الليل وموعد النوم.

وأظهرت أيضا أن عدم الحصول على النوم الكافي خلال الليل أو البقاء مستيقظا، انخفاض عدد مستقبلات الدوبامين في الدماغ بحلول صباح اليوم التالي، وهذا ما يفسر الشعور بالنعاس لفترة طويلة بعد الاستيقاظ لفترات طويلة في الليل، لهذا ينصح بالحصول على مقدار نوم كاف ومنتظم للحفاظ على توازن مستويات الدوبامين والشعور بمزيد من الطاقة والحيوية وأداء مهام يومك بكل نشاط.

حيث توصي مؤسسة النوم الوطنية ب (7-9) ساعات من النوم كل ليلة، مع تنظيم وقت النوم والاستيقاظ وتحديده بأوقات معينة، وتجنب الكافيين في المساء واستخدام السرير للنوم فقط.

  • الاستماع إلى الموسيقى:

يعتبر الاستماع إلى الموسيقى أحد الطرق الممتعة لتحفيز إطلاق الدوبامين في الدماغ، حيث وجدت العديد من دراسات التصوير الدماغي أن الاستماع إلى الموسيقى يزيد من حالة النشاط في مناطق الدماغ الغنية بمستقبلات الدوبامين.

 وثبت أن الاستماع إلى الموسيقى يساعد مرضى باركنسون على تحسين التحكم بالحركات الدقيقة، حيث وجدت زيادة

بنسبة 9% في مستويات الدوبامين في الدماغ، لكن الأبحاث مازالت جارية لتحديد فيما إذا كانت كلمات الأغاني تمتلك تأثيرا مشابها للموسيقى أم لا.

زيادة مستويات الدوبامين
  • ممارسة التأمل:

يعتبر التأمل من أنواع الطب التكميلي، كما أنه أحد طرق زيادة مستويات الدوبامين بشكل طبيعي، لأنه يخلق حالة من الاسترخاء والشعور بالراحة والطمأنينة، حيث يساعدك على تركيز انتباهك، وإبعادك عن ضغوط الحياة مما يحسن من صحتك الجسدية والنفسية والعاطفية، ويمكنك القيام به واقفا أو جالسا أو حتى أثناء المشي.

أشارت إحدى الدراسات التي أجريت على 8 معلمين للتأمل من ذوي الخبرة، حدوث زيادة بنسبة 64% في تراكيز الدوبامين بعد التأمل لمدة ساعة واحدة مقارنة بأوقات الراحة، ومن المعتقد أن هذه الطريقة تساعد في الحفاظ على مزاج إيجابي والبقاء في حالة تركيز عالية لفترات أطول.

تحتاج هذه الطريقة إلى مزيد من الدراسات لإثبات مدى فعاليتها في تحسين مستويات الدوبامين عند الأشخاص المبتدئين.

  • التعرض لأشعة الشمس :

الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD) هو حالة يشعر فيها الناس بالحزن أو الاكتئاب خلال فصل الشتاء نتيجة عدم التعرض لأشعة الشمس بشكل كاف، حيث يؤدي ذلك إلى انخفاض مستويات النواقل العصبية المحسمة للمزاج بما في ذلك الدوبامين.

حيث وجدت دراسة أجريت على عدد من البالغين الأصحاء، والذين تعرضوا لأشعة الشمس خلال الثلاثين يوما الماضية، لديهم كثافة أعلى لمستقبلات الدوبامين في المناطق المسئولة عن الحركة والتحسين المزاج في الدماغ.

على الرغم من أن التعرض لأشعة الشمس يعزز من مستويات الدوبامين ويحسن المزاج، فمن المهم الالتزام بإرشادات السلامة، حيث يمكن أن يسبب التعرض الزائد لأشعة الشمس وخاصة في ساعات الذروة تلفا للجلد ويزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد، حيث ينصح بالابتعاد عن الشمس في وقت الظهيرة عندما تزداد مستويات الأشعة فوق البنفسجية وعادة ما يكون ذلك بين 10 صباحا و 3 بعد الظهر، كما ينصح باستخدام الواقيات الشمسية حفاظا على سلامة الجلد.

  • تناول المكملات الغذائية:

يحتاج الجسم إلى العديد من الفيتامينات والمعادن لاصطناع الدوبامين مثل: الحديد وحمض الفوليك وفيتامين B6 و B3 ، وفي حال حدوث نقص في تراكيز أحد هذه العناصر الغذائية، فقد يواجه جسمك صعوبة في اصطناع ما يكفي من الدوبامين لتلبية حاجته.

ومن أجل هذا يمكنك الحصول على حاجتك من هذه العناصر الغذائية عن طريق المكملات الغذائية، مما يسمح لجسمك باصطناع المزيد من الدوبامين وتحسين حالتك المزاجية، لكن على الرغم من هذا نحتاج إلى مزيد من الأبحاث لتوثيق العلاقة بين تناول المكملات الغذائية المختلفة وزيادة مستويات الدوبامين.

الخاتمة

يعتبر الدوبامين من النواقل الكيميائية الهامة في الدماغ، يلعب دورا كبيرا في المزاج والمشاعر ويساعد على تنظيم حركات الجسم، يتم التحكم بمستويات الدوبامين عن طريق الدماغ، لكن يمكن لبعض التغييرات في النظام الغذائي ونمط الحياة أن تحسن من مستويات الدوبامين في الجسم.

هناك العديد من طرق زيادة مستويات الدوبامين بشكل طبيعي، حيث يمكن لنظام غذائي متوازن يحتوي على ما يكفي من البروتينات والفيتامينات والمعادن و البروبيوتيك وكمية معتدلة من الدهون المشبعة أن يساعد جسمك على إنتاج الدوبامين الذي يحتاجه.

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض نقص الدوبامين، مثل مرض باركنسون، يمكن أن يساعد تناول مصادر الغذاء الطبيعية ل (ليفو دوبا) مثل الفول او الفاصولياء المخملية على الحصول على تراكيز كافية من الدوبامين.

يمكن أن يؤدي الحصول على قسط كاف من النوم وممارسة الرياضة والاستماع إلى الموسيقى والتأمل وقضاء الوقت في الشمس إلى زيادة مستويات الدوبامين.

بشكل عام، يمكن لنظام غذائي متوازن وأسلوب حياة صحي أن يعطي الجسم القدرة الكافية لاصطناع الدوبامين وأن يؤمن للدماغ ما يحتاجه للقيام بعمله على أكمل وجه.