النواقل العصبية هي مواد كيميائية تعمل على نقل الإشارات العصبية من الدماغ إلى خلايا محددة، والتي نطلق عليها اسم الخلايا الهدف، وتتواجد هذه الخلايا في أماكن مختلفة من الجسم كالعضلات، والغدد أو حتى أماكن أخرى من الدماغ.

يحتاج الدماغ إلى مجموعة من النواقل العصبية لتنظيم العديد من الوظائف الحيوية في الجسم مثل:

  • معدل ضربات القلب
  • عمليات التنفس
  • دورات النوم
  • الهضم
  • المزاج
  • التركيز
  • الشهية
  • حركة العضلات

يتكون الجهاز العصبي بشكل أساسي من الخلايا العصبية والتي تعرف أيضا باسم العصبونات، والأعصاب بنوعيها الحسية والحركية، ومن النواقل العصبية، ويتحكم بكافة أعضاء الجسم ووظائفه الجسدية والنفسية.

تطلق الخلايا العصبية في الدماغ إشارات عصبية أو نبضات عصبية، حيث تعمل النواقل العصبية على نقل هذه النبضات عبر الخلايا، لتقوم بإيصالها إلى مستقبلات محددة ضمن الخلايا الهدف في أماكن مختلفة من الجسم.

يرتبط كل ناقل عصبي بمستقبلات معينة في الخلايا الهدف تختلف عن مستقبلات النواقل الأخرى، وما إن يحدث هذا الارتباط تبدأ الخلية الهدف بتنفيذ الأوامر القادمة من الدماغ، وبعد أن يقوم الناقل العصبي بوظيفته يقوم بالجسم إما بتفكيكه أو إعادة اصطناعه من جديد ليتم استعماله مرة أخرى لنقل إشارة عصبية جديدة.

الأنواع الرئيسة من النواقل العصبية:

حدد العلماء أكثر من 100 نوع من النواقل العصبية  والتي تمتلك العديد من الوظائف المختلفة مثل:

  • تحفيز الخلايا الهدف على القيام بمهام مختلفة وتدعى بالنواقل العصبية المنشطة أو تملك تأثيرا منشطا.
  • تثبيط الخلايا الهدف ومنعها من القيام بمهامها وتدعى النواقل العصبية المثبطة أو تملك تأثيرا مثبطا.
  • يمكن أن تنقل النواقل العصبية المعدلة الإشارات العصبية إلى العديد من العصبونات في وقت واحد، كما أنها يمكن أن تتفاعل مع العديد من النواقل العصبية الأخرى.

تمتلك بعض النواقل العصبية تأثيرات مختلفة ويعتمد ذلك على نوع المستقبل الذي سترتبط به هذه النواقل في الخلايا الهدف.

سنتعرف معا في هذه المقالة على 6 أنواع من النواقل العصبية ذات التأثيرات المختلفة:

النواقل العصبية
  • الأستيل كولين

يمتلك الأستيل كولين دورا هاما في تقلص العضلات، والتحكم في معدل ضربات القلب ويملك تأثيرا محفزا لبعض الهرمونات، كما يؤثر بشكل كبير في وظائف الدماغ والذاكرة.

ترتبط المستويات المنخفضة من هذا الناقل مع مشاكل الذاكرة والتفكير، والتي يعاني منها المصابون بمرض الزهايمر، حيث تعمل الأدوية المستعملة في علاج الزهايمر على منع تفكك الأستيل كولين في الجسم مما يساعد في السيطرة على بعض الأعراض مثل فقدان الذاكرة، في حين ترتبط المستويات المرتفعة من الأستيل كولين بازدياد حالات التقلص العضلية وحدوث نوبات تشنج عضلية ومشاكل صحية أخرى.

يعتمد الجسم في اصطناع الأستيل كولين على الكولين المغذي والذي يجب الحصول عليه بكميات كافية من الطعام، أو يمكن الحصول عليه من المكملات الغذائية المختلفة، ومع ذلك لم تثبت الدراسات أن ارتفاع تراكيز الكولين المغذي في الطعام تلعب دورا أساسيا في اصطناع الأستيل كولين في الجسم.

يعتبر الكولين المغذي هو المصدر الرئيس للجسم في اصطناع الأستيل كولين، ومع هذا فإن الحصول على جرعات عالية منه يسبب العديد من الآثار الجانبية كتلف الكبد ونوبات التشنج العضلية لذلك من الأفضل استشارة الطبيب قبل أن تضيفه إلى نظامك الغذائي.

  • الدوبامين

يلعب الدوبامين دورا هاما في الذاكرة والتعلم والسلوك وتنسيق الحركة، كما يعرفه الكثير من الناس على أنه هرمون السعادة، حيث يطلق الدماغ كميات كبيرة منه خلال الأنشطة المختلفة والتي تمنح الإنسان شعورا بالسعادة والفرح، كما يعد الدوبامين مسؤولا عن حركة العضلات، ويؤدي انخفاض تركيزه إلى الإصابة بمرض باركنسون.

يساعد النظام الغذائي الصحي في الحفاظ على مستويات ثابتة ومتوازنة من الدوبامين، حيث يعتمد الجسم في اصطناعه على عدد من الأحماض الأمينية والتي يمكن الحصول عليها من الأطعمة الغنية بالبروتينات مثل البقوليات واللحم.

في الوقت نفسه يمكن أن يؤدي تناول كميات كبيرة من الدهون المشبعة إلى انخفاض نشاط الدوبامين، حسب دراسة أجريت عام 2015، كما أشارت دراسات أخرى إلى أن نقص فيتامين دي أيضا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض نشاط الدوبامين.

وعلى الرغم من عدم وجود مكملات غذائية خاصة بالدوبامين، يمكن أن تساعد التمارين الرياضية على تحسين مستوياته بشكل طبيعي، حيث أظهرت الدراسات أن التمارين الرياضية المنتظمة حسنت من إشارات الدوبامين لدى الأشخاص الذين يعانون من مرض باركنسون في مراحله المبكرة.

  • الإندورفين

يعتبر الإندورفين من مسكنات الألم الطبيعية في الجسم، حيث يقوم بمنع إشارات الألم ويعطي شعورا مفعما بالحيوية والنشاط، كما تعتبر التمارين الرياضية والضحك من أفضل الطرق المعروفة لزيادة مستويات الإندورفين بشكل طبيعي.

في دراسة أجرتها مؤسسة آلام الرأس الوطنية، أن المستويات المنخفضة من الإندورفين تلعب دورا هاما في بعض اضطرابات الصداع الحادة، حيث يعمل الإندورفين على وقف سيالات الألم التي تتشكل أثناء الصداع.

كما تؤدي مستويات الإندورفين المنخفضة دورا أيضا في الآلام العضلية الليفة والمفصلية، حيث توصي المؤسسة الوطنية لآلام المفاصل بممارسة الرياضة كعلاج طبيعي بسبب قدرتها على رفع مستويات الإندورفين.

  • الإبينفرين

يعرف الإبينفرين أيضا باسم الأدرينالين، وهو هرمون وناقل عصبي بنفس الوقت، يلعب دورا هاما في استجابة الجسم لحالات القتال أو الخوف والهرب.

عندما يكون الشخص مرهقا أو خائفا، ترتفع مستويات الأدرينالين، مما يسبب في ارتفاع معدل ضربات القلب وزيادة حركات التنفس ويمنح العضلات دفعة من الطاقة كما انه يساعد الدماغ على اتخاذ قرارات سريعة عند مواجهة الخطر.

يعتبر تحرر الأدرينالين في حالات الخوف والهلع، عاملا حساما في استجابة الجسم لمثل هذه الحالات، لكن في حالات الإجهاد المزمن والتي تؤدي إلى إنتاج كميات كبيرة من الأدرينالين بمرور الوقت، مما يسبب العديد من المشاكل الصحية كانخفاض المناعة وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري وأمراض القلب.

يوصي الأطباء المرضى الذين يعانون من الإجهاد المزمن بتجربة تقنيات مثل التأمل والتنفس العميق وممارسة الرياضة للتخفيف من الأعراض التي يعانون منها.

يستخدم الأدرينالين في علاج العديد من الحالات المرضية المهددة للحياة، بما في ذلك:

حالات فرط الحساسية ( رد الفعل التحسسي الشديد)، ونوبات الربو، وتوقف القلب وفي بعض الالتهابات الشديدة حيث يسبب الأدرينالين انقباض الأوعية الدموية مما يخفف من التورم الناتج عن حالات التحسس ونوبات الربو، كما يساعد عضلة القلب على الانقباض مرة أخرى إذا توقفت في حالات السكتة القلبية.

  • حمض غاما أمينوبوتيريك (GABA)

يعتبر هذا الناقل العصبي من معدلات المزاج، ويمتلك تأثيرا مثبطا للخلايا، حيث يسبب تركيزه المنخفض حالة من القلق والتهيج والأرق، ويستفاد من تأثيره المهدئ عبر الأدوية المستعملة في علاج نوبات القلق مثل: مركبات البنزو أو البنزوديازبينات حيث تعمل على رفع مستويات GABA في الدماغ.

  • السيروتونين

من النواقل العصبية المثبطة، يساعد في تنظيم المزاج والشهية وتخثر الدم والنوم وتنظيم الساعة البيولوجية للجسم، كما يلعب دورا هاما في الاكتئاب والقلق، حيث يمكن لمثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية (SSRIs) أن تخفف من أعراض الاكتئاب والقلق  عن طريق زيادة مستويات السيروتونين في الدماغ.

كما أشارت الدراسات إلى أن الاضطراب الموسمي العاطفي (SAD) يسبب الاكتئاب في فصلي الخريف والشتاء، عندما يقل التعرض لأشعة الشمس، وهذا ناتج عن انخفاض مستويات السيروتونين في الدماغ.

كما تزيد مثبطات استرجاع السيروتونين والنور أدرينالين (SNRIs) من مستويات كلا منهما في الدماغ – النور أدرينالين أحد النواقل العصبية في الدماغ-  مما يساعد في التخفيف من أعراض الاكتئاب والقلق والآلام العضلية المزمن. بالإضافة إلى ذلك يمكن للتمارين الرياضية والتعرض لضوء الشمس أن يزيد من مستويات السيروتونين في الدماغ.

  • الخلاصة

تلعب النواقل العصبية دورا هاما في كل وظيفة تقريبا في جسم الإنسان، ويعتبر التوازن بين هذه النواقل ضروريا للحد من أعراض بعض الأمراض مثل الاكتئاب والقلق والزهايمر ومرض باركنسون، لذلك من الضروري اتباع أسلوب حياة صحي يشمل ممارسة الرياضة بانتظام وتناول الطعام الصحي مما يساعد في علاج هذه الأمراض.

يمكن للمكملات الغذائية أن تتفاعل مع العديد من الأدوية المستخدمة في علاج بعض الأمراض، لذلك يرجى مراجعة الطبيب أو الصيدلاني قبل تغييرك لنظامك الغذائي.

غالبا ما تتطلب الحالات الصحية الناتجة عن اختلال التوازن بين النواقل العصبية علاجا خاصا ومتابعة حثيثة من المختصين، لذلك قم بزيارة الطبيب بشكل منتظم لمناقشة حالتك الصحية والحصول على العلاج المناسب.